الثلاثاء، 30 يونيو 2009

سقوط إمبراطور الحديد


نجح طلعت السادات فى الجولة الأولى من المواجهة ضد أحمد عز رجل الأعمال ورجل جمال مبارك. نجح طلعت السادات فى تسليط الضوء على القضية الأساسية وهى قضية ثروة أحمد عز ونفوذه والذى تحقق فى فترة قياسية لم تشهدها مصر على أى رجل أعمال مهما كان ومنذ ثورة يوليو 1952. نجح طلعت السادات فى هذه المواجهة رغم السيمفونية التى قامت بعزفها كل الصحف القومية. بمجرد انتهاء المواجهة التى اندلعت يوم 30 مايو الماضى وفى اليوم التالى مباشرة قام طلعت السادات بتوجيه سؤال إلى الدكتور فتحى سرور يطلب منه توجيهه إلى رئيس الوزراء محافظ البنك المركزى بشأن مديونية أحمد عز وشركاته للبنوك المصرية وما قيمة الفوائد التى يريد إسقاطها أو التى تم إسقاطها فعلا، وما الضمانات التى قدمها ضمانا لهذه القروض التى حصل عليها؟ كما قام طلعت السادات بتوجيه سؤال آخر إلى رئيس الوزراء ووزير الإسكان بشأن مساحات الأراضى فى محافظات مصر المختلفة التى حصل عليها المهندس أحمد عز وشركاته خلال السنوات السبع الأخيرة، وبيان ما إذا كان قد تنازل عن بعضها للغير أو شركاء جدد لسيادته، وفى جميع الأحوال هل تم استغلال هذه الأراضى بمعرفته طبقا للغرض المخصصة له، وطبقا لشروط وزارة الإسكان من عدمه. كما قدم طلعت السادات سؤالا ثالثا أيضا إلى رئيس الوزراء بشأن كميات الحديد المصدرة من المهندس أحمد عز وشركاته لإسرائيل التى استخدمتها بعد ذلك فى بناء الجدار العازل فى فلسطين المحتلة، وذلك مقارنة بالكميات المصدرة منه للخارج وبيان أسعار التصدير، وكان طلعت السادات قبل المواجهة مع عز قد تقدم بطلب إحاطة لرئيس الوزراء ووزيرى الصناعة والاستثمار والأمين العام للحزب الوطنى حول حقيقة استغلال أحمد عز وضعه كأمين تنظيم للحزب الوطنى بما له من اتصالات فى تملك أكثر من 50% من أسهم حديد الدخيلة رغم عدم دفعه مليما واحدا فى رأسمالها منذ وضع يده عليها واستغلاله ذلك الوضع فى التلاعب فى البورصة مؤخرا. وبالطبع كل هذه أسئلة مشروعة ويخولها له الدستور ويستلزم من الوزراء والمسئولين الإجابة عنها ولكن بالطبع كل هؤلاء لن يجيبوا عن هذه الأسئلة أو يقدموا البيانات المطلوبة لأن الكل يعرف من هو عز ومن الذى يحميه ويعرفون صلته بجمال مبارك وكيف تمثل هذه العلاقة ضغطا على كل مسئول فى الدولة. وقد وضح التحيز ضد طلعت السادات منذ البداية وتأثير أحمد عز بدءا من تحويل الأمر لهيئة مكتب المجلس التى تضم الرئيس والوكيلين وكلهم من الحزب الوطنى بدلا من تحويل الأمر للمدعى العام الاشتراكي، بل إن الدكتور سرور أصدر بيانا قال فيه إن طلعت السادات وجه للنائب أحمد عز اتهاما بأنه حقق أرباحا من بيع أسهم فى البورصة وأنه خالف الدستور بشراء أراض من الدولة ولما نفى النائب أحمد عز هذه الاتهامات مقدما الدليل على عدم صحتها ثار النائب طلعت السادات وتفوه بعبارات حادة وتقدم عدد كبير من الأعضاء باتهامه بأنه رفع حذاءه فى مواجهة نواب الأغلبية أى أن بيان سرور اعتبر السادات مذنبا قبل التحقيق، واعتبر أحمد عز قدم الدليل على عدم صحة ما أثاره السادات. من ناحية أخرى تحرك طلعت السادات على جبهة أخرى فتقدم بمشروع قانون بمحاكمة رئيس الجمهورية وذلك تفعيلا على حد قوله للمادة 85 من الدستور.كما تقدم طلعت السادات بمشروع قانون آخر يطالب فيه رئيس الجمهورية بإعمال نص المواد 109 و110 و149 من الدستور وإعفاء أيمن نور من العقوبة الصادرة ضده فى الجناية 4245/2005 وهذان القانونان تقدم بهما طلعت السادات بعد المواجهة مع عز ويمثلان تصعيدا، والغريب أن لجنة الاقتراحات والشكاوى اجتمعت بسرعة وقررت اسقاط مشروع القانون من جدول مناقشتها بعد أن كان مقررا له المناقشة يوم الأحد أو اليوم فى الساعة السادسة مساء. وفى اليوم الأول للتحقيق أمام هيئة مكتب المجلس وبعد عودة الدكتور فتحى سرور من فنلندا قدم طلعت السادات صورة من بيان موقع عليه 56 نائبا من المعارضة والمستقلين كلهم ينفون فيه نفيا باتا قيام طلعت السادات بخلع حذائه. وقال طلعت السادات ل العربى إنه حاول لفت انتباه الدكتور فتحى سرور أن القضية ليست قضية الحذاء لأن الصحافة القومية قامت بتضخيمها.وقال إن محاولات عز والمؤيدين له للتركيز على هذه الواقعة ليست إلا محاولة للتعتيم على الاتهامات التى وجهها هو إلى عز بالتربح من عمليات بورصة الأوراق المالية مما أدى لانهيارها واحتكاره سوق الحديد فى مصر. وقال السادات ل العربى إنه قال لسرور إنه لا معنى للمستندات التى يجلبها عز للتدليل على صحة موقفه أولا لأنه يمارس نفوذه كأمين تنظيم وكذراع يمنى لجمال مبارك بالطبع للحصول على كل الأوراق التى يريدها، وعلى العموم فقد قام السادات بالطعن بالتزوير فى قائمة ال 200 نائب الذين أعلنوا انضمامهم لعز، وقالوا إنهم رأوه يحاول خلع الحذاء. قال طلعت إن قائمة التوقيعات تضم 26 اسما على الأقل لم يكونوا بالجلسة حين وقوع الحادث، وأن عددا منهم لم يكن فى مصر، وإنما كانوا فى العاصمة البلجيكية بروكسيل ضمن وفد برلمانى كان يحضر اجتماعات البرلمان الأورومتوسطي، وأن المذكرة تضم أسماء لا توجد توقيعات بجوارها. على أن أكبر مفاجأة فجرها السادات تتلخص فى أن عز كان عضوا فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طوال السنوات الخمس الماضية من الفصل التشريعى السابق لمجلس الشعب، وعندما كان إبراهيم سليمان وزيرا للإسكان وهو ما يعد مخالفة جسيمة للائحة مجلس الشعب التى تحظر على النائب قيام أى تعامل بينه وبين الحكومة، كما كشف السادات عن أن شركاء عز فى شركة الدخيلة التى استولى عليها هم الهيئة العامة للبترول وبنك الاستثمار القومى وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك الأهلى وشركة مصر للتأمين وأن كل هؤلاء مازالوا من المساهمين فى شركة عز، وهو ما يخالف اللائحة والدستور مرة أخري، الذى يحظر على عضو مجلس الشعب الدخول فى أعمال مشتركة مع الحكومة طوال مدة نيابته علاوة على أن عز بهذا الوضع يكتسب صفة الموظف العام عملا بنص المادة 229 من قانون العقوبات. وحول اتهاماته لعز فيما يخص عملية الاستحواذ التى تمت بعد الايقاع بأسهم البورصة يوم الثلاثاء الأسود قال السادات.. إن عملية الاستحواذ هذه تمت دون إجراء تقييم لأسهم شركة حديد عز التى استبدالها بأسهم حديد الدخيلة حيث تقضى بضرورة إجراء هذا التقييم بمعرفة مراقبى الحسابات المعتمدين وبعد تصديق الهيئة العامة لسوق المال وأيضا بورصة الأوراق المالية وأضاف أن ما قدمه عز من مستندات لا يعتد به لأنه لا يقطع باتخاذ جميع هذه الإجراءات السابقة التى يحتمها قانون هيئة سوق المال واللائحة التنفيذية له. وأشار السادات إلى أن شركة حديد عز هى بمثابة دكان صغير فكيف يمكن مساواة أسهمها بشركة حديد الدخيلة وأن تقوم بالاستحواذ على أكثر من 51% من الدخيلة رغم عدم دفع أى أموال، وإزاء هذا الوضع طلب السادات من الدكتور سرور تشكيل لجنة من المجلس تضم خبراء فى تأسيس الشركات لفحص المستندات المقدمة من عز ومنها إبرام عقود مع شركات بأقل من قيمتها بأكثر من 3 إلى 5 ملايين دولار وعدم سداد جمارك بقيمة 52 مليون جنيه علاوة على التحرى عن الأسلوب الذى قام فيه عز بشراء أسهم اتحاد العاملين فى شركة الدخيلة. وتساءل السادات كيف يمكن لشركة عز احتكار الحديد وأخذ الطاقة بسعر مدعم وكيف يمكن فرض رسوم الإغراق على الحديد المستورد ولمصلحة من وكيف يبيع الحديد لإسرائيل لإقامة الجدار العازل بسعر أقل ألف جنيه عن السعر الذى يبيع به فى مصر. قال السادات إن نصيب عز وحده من أرباح شركة الدخيلة مليار دولار من بين مليارى دولار تكسبها الشركة. أى باختصار نحن أمام أمين تنظيم بصورة جديدة، فبعد أن كان أمين التنظيم السابق يتهم بأخذ الرشاوى لتسوية الأوضاع الانتخابية لمرشحى الحزب أصبحنا أمام تنظيم جديد هو الذى يقدم الرشاوى هذه المرة، ولكن هذه المرة لكى يكون بالقرب من رئيس الحزب وابنه ويحقق مليارات الجنيهات من وراء ذلك. وقد قام الدكتور سرور بفرض إجراءات غير معتادة على تغطية الصحفيين لتحقيقات هيئة المجلس حيث منع وجودهم فى الطرقة المطلة على مكتبه بالكامل إلا بعد انتهاء الاجتماع والسماح لطلعت السادات بالحديث معهم، وقد حضر عدد من النواب تضامنا مع السادات وللإدلاء بأقوالهم فى حالة طلبهم للشهادة ومن هؤلاء النائب الناصرى سعد عبود والذى كان جالسا بجوار طلعت السادات عند حدوث واقعة الحذاء. وقد قال عبود ل العربى إنه السادات أصيب بحالة هياج شديدة عندما قال له عز بكل غرور اقعد واسمع علشان تستفيد وقال عبود إن عز كان يريد بهذه الكلمات تقليد كمال الشاذلى الذى اعتاد قولها لمن كان يحاول مقاطعته ولكن هناك فرقا لأن عز أصغر بكثير من طلعت وهو فى دور أولاده وما كان يصح له أن يتفوه بهذه العبارة التى يجب أن تؤخذ عليه وأدت لهياج طلعت السادات. إلا أن المفاجأة الكبرى هى ما حدث فى اليوم التالى حيث حضر الدكتور والوكيلان فى تمام الساعة السادسة بدون أن يحضر أحمد عز على الإطلاق، هناك من يقول إن عز حضر فى وقت سابق واكتفى باجتماع سريع مع سرور وقام خلاله بتقديم حافظة أوراق ومستندات دالة على أقواله وصمم على تحويل السادات إلى لجنة القيم، وقد تم الترتيب للاجتماع فى وقت غير معروف للصحافة حتى لا يتم أى تركيز عليه وحتى لا يضطر أحمد عز لعقد مؤتمر صحفى مثلما فعل السادات ويضطر للإجابة عن أسئلة محرجة. الدكتور سرور من جانبه قرر الاستماع لنواب محايدين منهم محمد عبدالعزيز شعبان المتحدث باسم حزب التجمع ونائب آخر من الحزب الوطنى وهو محمود خميس رجل الأعمال نائب بلبيس شرقية وأخو رجل الأعمال المعروف محمد فريد خميس. المفاجأة أن الاثنين أجمعا على أنهما لم يريا طلعت السادات يقوم بأى محاولة لخلع حذائه وهو ما سجل نقطة كبيرة لصالح السادات. وعلى هذا الأساس هناك من يشير إلى أن هناك محاولات للصلح يقوم بها سرور حاليا لتسوية الأمر بين السادات وعز وخصوصا فى موضوع الجزمة حيث أصبح من الصعب إثبات ذلك وخصوصا مع التضارب فى الأقوال وعدم مشاهدة سرور نفسه للواقعة. أما بالنسبة للوقائع الأخرى فسوف يحاول الدكتور سرور أن يحصرها خوفا من أن يؤدى توقيع أى عقاب على طلعت السادات لفتح المزيد من نيران الرأى العام على أحمد عز. لقد فجر طلعت السادات السؤال الذى كان يتردد على كل لسان كيف استطاع أحمد عز أن يحقق الثروة الطائلة التى حققها حوالى 40 مليار جنيه على حد قوله فيما لا يقل عن 5 سنوات وأنه يمتلك كل هذا النفوذ الذى أصبح يتمتع به وجعله أمينا للتنظيم وهو ثانى أقوى موقع فى الحزب الحاكم. هل أدى قربه من جمال مبارك إلى نجاحه فى تحقيق كل هذه الثروة، وهذا النفوذ. لقد تحاشى عز دائما الدخول فى مواجهات مع الصحافة، ولكن ملف ثروته أصبح مفتوحا على الملأ الآن والرأى العام يريد أن يعرف الحقائق لكى يشهد على صفحة جديدة من صفحات الفساد والثروات غير المشروعة والتى لا تنتهى فى بر مصر.

ليست هناك تعليقات: