معارضو .. المعارضة
د. أيمن نور
.. لا جديد ألاحظه في كل حملة هجوم أتعرض لها، منذ ترشحي لانتخابات الرئاسة لليوم، ذات الأسماء والأبواق وغالبًا ذات المضمون!! لا جديد علي الإطلاق !! إلا مزيد من التأكيد علي فكرة التخصص الوظيفي بين مجموعة المخبرين الصحفيين.. والصحفيين المخبرين!!
.. ففي كل بلا الدنيا، نجد من يعارض الحكومة -بحق - ومن يواليها، أو يؤيدها بصدق.
.. في مصر، ومن تلبيس أبالسة هذا الزمان علينا، أنهم صنعوا عبر منابر الإعلام ومنافذ التعبير فئتين مهجنتين أوجماعتين لا شبيه لهما في العالم.
.. الفئة الأولي : هي جماعة «معارضو المعارضة»«!!» من كتاب السلطة وخدمها السريين.
.. والفئة الثانية: هي جماعة «حكوميو المعارضة»«!!» من أحزاب صنعتها السلطة لمخدومين لديها !!
.. الجماعة الأولي، مهمتها في الحياة السياسية هي الانقضاض علي المعارضة ونهش لحمها وإهدار كرامتها، وتشويه وجهها، بماء النار ، والسنج والمطاوي.
.. والجماعة الثانية: مهمتها تتلخص في توفير ماء النار، والسنج والمطاوي المطلوبة لإتمام مهمة الجماعة الأولي !!
.. الجماعة الأولي : «معارضو المعارضة» ليسوا معارضين للمعارضة بالفعل، استنادًا لأفكار أومبادئ لكنهم فرقة خاصة من فرق الحكومة، تتخفي في ثوب الاستقلال واصطناع الموضوعية ومحاولة التظاهر بها.. يعتلون منابر التعبير والتأثير «صحافة - إعلام تليفزيوني- مؤسسات حكومية وأهلية» .
.. معارضو المعارضة يظل الواحد منهم رصينًا ومتوازنًا إذا ما تطرق لأي موضوع، أو تناول قضية، ولاتعرف كيف يتحول فجأة إلي النقيض بمجرد أن يذكر أمامه اسم من الأسماء المعارضة، أوموقف أو رأي أدلي به!! فيتحول إلي وحش كاسر، يغوص بأنيابه وأظافره في لحم الهدف شارعًا كل الأسلحة غير المشروعة والمحظورة أخلاقيًا.
كل رأي ينسب للمعارضة هو -بالنسبة لهذه الفرقة «الخاصة»- أكاذيب وادعاءات، وكل اجتهاد هو إما خطأ أو خطيئة، وكل اختلاف في الرؤية هو خيانة للوطن، ونكران للجميل، وجحود لا يعبر إلا عن شرذمة قليلة، لا وزن لها ولا قيمة تذكر!!
.. أما الجماعة الثانية : «حكوميو المعارضة» فهم كائنات سياسية ممسوخة وشائهة قامت بقرارات إدارية حكومية،حددت لها أدوارها، ومهامها ورسمت لها صورة كاريكاتورية في عيون الناس، تؤيد ما تريد الحكومة أن تدعي تأييد الآخرين له، وتوفر «عوده ومحره»، تشير إليها أصابع الجماعة الأولي وتتساند عليها في تسفيه المعارضة والنيل منها .
.. رغم الاختلاف الظاهري، بين الفريق الأول «معارضو المعارضة» وبين الفريق الثاني «حكوميو المعارضة»، فالقواسم المشتركة بينهما كبيرة، أولها : أن كليهما يستسهل الركوع للقوة، ويستصعب الوقوف أمامها، يبرر الخطايا، ويفلسف الجرائم التي يرتكبها، والمذابح التي يشارك فيها!!
.. كلاهما يري الاستقامة في الرأي والموقف حماقة!! والمناورة والخداع والتلاعب بالكلمات والمغالطة مهارة!! والغدر أمانة!! والشرف والكرامة مجرد شعارات كاذبة.
.. أسأل نفسي -أحيانًا- لماذا لا يخلع هؤلاء الأقنعة الزائفة؟!! لماذا لا يعلنون أنهم حكوميون لحمًا ودمًا، مكلفون بأدوار مفضوحة الغاية، منكورة من صانع النص، والجمهور؟!.
..متي يدركون أنه أشرف لهم أن يكونوا شركاء للظالم في ظلمه، من أن يكونوا حذاء في قدمه وخرقة يمسح بها أفعاله ويتستر بها علي ظلمه، ويفتح شهيته لفساد أكبر وطغيان أكثر؟!
.. سيعلم هؤلاء - بعد فوات الأوان - أن الباطل غبار يعلو فوق الرؤوس ثم يسقط يومًا تحت الأقدام.
خطر ببال الناس: من ذلك الطرف الخفي الذي يستهدفه القرار؟! ابن من؟! صهر من؟! شريك من؟!
صديق من؟! من يكون؟ ولماذ يتم إخفاء الحقائق؟!
.. نعم هناك قضايا بطبيعتها قد لا يثير قرار حظر النشر بشأنها، كل هذه الاستنتاجات، والاجتهادات، وهناك قضايا بطبيعتها لا تحتمل المبررات الطبيعية والمنطقية للحظر وتفتح الأبواب علي مصراعيها، للاجتهاد، والاستنتاج، والربط بين الأحداث، والأشخاص!!
.. فليس صحيحًا أن هذه السلطة مطلقة للنائب العام بل هي مرهونة بالمبررات القانونية التي تحمله لأن يخص قضية بعينها - دون غيرها- بحظر النشر فيها.
.. هنا يذكرني باستجواب تقدم به الراحل الحبيب «الذي حلت ذكراه السنوية منذ أيام» فؤاد سراج الدين باشا، عندما تقدم قبل الثورة باستجواب في مجلس الشيوخ إلي حسين سريَّ باشا، حول التوسع في إصدار قرارات حظر النشر في قضايا لا يجوز صدور مثل هذه القرارات بشأنها!
.. تلا سراج الدين في استجوابه نماذج من هذه القرارات منها القرار الصادر بمنع نشر أي معلومات عن حادث وفاة الدكتور السيد علي أيوب!!
.. رفض حسين سري أن يرد علي هذه الواقعة تحديدًا فتزايدت الشائعات التي أكدت أن الدكتور السيد علي أيوب ضبط الملك وهو بين ذراعي زوجته، فما كان من الملك إلا أن أطلق الرصاص علي الزوج المغدور وقتله!
.. وفي روايات أخري أن الملك عندما ضبطه الزوج في منزله، خرج من المنزل وهو يزرر بنطلونه وقال للفريق عمر فتحي كبير الياوران: اضربه يا عمر، فضربه فمات!!
.. والمضحك أن الثورة عندما قامت، كان من أول قراراتها التي أصدرها مجلس قيادة الثورة هو التحقيق في جريمة مقتل الدكتور السيد علي أيوب وإحالة المتورطين إلي المحاكمة!!
.. وعندما بدأت التحقيقات، تبين أن الدكتور السيد علي أيوب، هو ابن الوزير السابق علي أيوب، وصهر حسين سري باشا، والذي زوجه من ابنه شقيقته، وهي في نفس الوقت ابنة الوزير السابق للأشغال عبد الحميد سليمان!
.. كما كشفت التحقيقات أن الدكتور انتحر بسبب علاقة قديمة له بإحدي الممرضات فحاول حسين سري أن يجامل صهره فأضَّره وأضر ابنة شقيقته ضررًا بالغا في سمعتها بسبب هذه القضية التي ظلت رائجة لسنوات حتي تبين براءة الملك والزوجة إدانة حسين سري؟!
.. لقد أراد حسين سري أن يحمي سمعة زوج ابنة شقيقته من حقيقة وفاته منتحرًا!!
فأساء إليه، وإلي ابنة شقيقته أبلغ إساءة، بل أساء للملك ولنفسه وعرَّض الجميع لحملة من التشهير وكأنه الدبة التي أرادت أن تهش ذبابة بإلقاء حجر فوق رأس صديق لها، فقتلته!!
.. فمن يغلق الأبواب أمام الحقيقة بفتح عشرات الشبابيك لحقائق كثيرة وشائعات أكثر «!!»
.. شكرًا لوالدي الروحي، فؤاد سراج الدين الذي روي لي القصة منذ سنوات، لأذكرها في ذكراه، لأذكر بها، من لا يذكر، إن الحقائق لا تموت «!!»
«وللحديث غدًا بقية»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق