السبت، 17 يناير 2009

فضائح الانتخايات في مصر و دايرة الباجور منوفيه

  • كان الوقت ظهرا.. كنت أجلس في مكتبي، فوجئت به يتقدم.. رجل في بداية عقد الستين، الشيب زحف إلي رأسه قال: أنا شفيق شاهين عضو مجلس الشعب عن دائرة الباجور.. أنا قادم من جلسة مجلس الشعب للتو ..لقد شتمني كمال الشاذلي شتائم بشعة، أهانني أمام الدكتور يوسف والي وآخرين.. سب أمي بطريقة لم أتصورها..إنني زميله في الدائرة .. وأنا عضو بالحزب الوطني و رفيق دربه منذ سنوات طوال والأهم أنني صهره وكل ذلك لم يرحمني من عنفه ضدي.حاولت تهدئة الرجل.. وقف يتحدث بصوت عال: أين أذهب ؟ ولمن اشتكي ؟.. لقد حاولت أن اشتكي في مجلس الشعب ولكنني منعت.. لقد منعني الدكتور فتحي سرور فلم أجد سوي الانسحاب من المجلس بعد أن بلغت الجميع بأن الوزير أهانني وأساء إلي وإلي أسرتي هكذا جهارا نهارا فأين هي كرامة عضو المجلس. ؟قلت له.. لا يمكن للوزير أن يتعمد الإساءة إليك بلا سبب.. بدأت في تسجيل كلماته قال: قبل أن تنتهي جلسة المجلس الصباحية تقدمت نحو الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة أحمل معي التماسين لاثنين من العاملين بالجمعية التعاونية الزراعية في قريتي 'بهناي' تم نقلهم تعسفيا إلي الإدارة المركزية بالباجور قدمت له الأوراق لأحصل علي تأشيرته.وقبل أن أكمل كلامي انطلق صوت سيادة الوزير كمال الشاذلي ليسكت كل من بالقاعة ويفاجأوا بأقدم برلماني في مصر يطالب الدكتور يوسف والي بألا يوقع لي علي أي طلبات لأنني 'خباص' و'من النواب ال ...' و'ابن ق...' !! وسبني بأمي سبا حقيرا.بعدما سمعت هذا السيل من الشتائم نظرت بحسرة إلي الدكتور يوسف والي قائلا: يصح كده يا دكتور أنا هستشهد بسيادتك أمام السيد رئيس الجمهورية فهو لن يرضي بإهانة أحد أبنائه من أعضاء الحزب الوطني ممن قضوا حياتهم في خدمة مبادئه.بعد ذلك وجهت كلامي للوزير كمال الشاذلي: إنت نسيت أن بيننا أحفاد وأنا واقف معاك من 30 سنة.. أنت تعرف إن أمي .... أو ان أنا ابن ...، وقتها تدخل الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والذي يجلس بجوار الوزير الشاذلي في محاولة لتهدئة الأمور دون جدوي.ثم ذهبت مسرعا إلي الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وكتبت له مذكرة بما حدث ثم أعلنت انسحابي من الجلسة وقلت: أنا واخد أعلي الأصوات في الدايرة والمفروض أدافع عن أهلها إزاي ما أقدرش أدافع عن نفسي.. حسبي الله ونعم الوكيل.. بعدها توجهت إلي مكتب المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام وقدمت له مذكرة شرحت فيها تفاصيل الواقعة.وطلب من النائب العام إصدار التعليمات للتحقيق في الواقعة حتي يصبح الجميع أمام القانون سواء في ظل حكم السيد الرئيس محمد حسني مبارك.والسيد الوزير كمال الشاذلي نائب دائرة الباجور 'فئات' منذ 39 عاما ويشغل حاليا منصب وزير شئون مجلسي الشعب والشوري والأمين العام المساعد للحزب الوطني وأمين التنظيم كان يعد من أهم الشخصيات الحزبية المنوط بها اختيار مرشحي الحزب الوطني وبالطبع لعب دورا أساسيا في اختيار المرشح المرافق له في الانتخابات وهو شفيق شاهين صديقه وصهره ولا يعرف أحد حقيقة ما جري وأسبابه.هدأت من روعه وطلبت منه استكمال ما حدث فقال: أنا ابن الحزب الوطني وأحد ركائزه منذ إنشائه وأصبحت نائبا للعمال والفلاحين في ظل الديمقراطية التي أرسي قواعدها الرئيس مبارك كما كانت تربطني بسيادة الوزير كمال الشاذلي علاقة طيبة عمرها يزيد علي 30 عاما والأكثر من ذلك أن بيننا علاقات مصاهرة فابنتي الكبيرة زوجة لابن شقيقته، وابني الكبير زوج بنت شقيقه المرحوم شاكر الشاذلي، وعائلتنا هي التي وقفت مع السيد كمال الشاذلي منذ أول دورة رشح نفسه فيها وهو يعترف بذلك في المؤتمرات الانتخابية ويذكر دائما فضل جدنا العمدة الكبير محمد فؤاد شاهين وخالي أمين فؤاد شاهين والمرحوم والدي عمدة 'بهناي' السابق.تعجبت من الحالة التي كان عليها نائب العمال والفلاحين وملامحه التي تنم عن حزن دفين وزادت الدهشة عندما روي تفاصيل علاقته بالوزير الشاذلي قال شفيق شاهين: السبب وشاية أحد القريبين من السيد الوزير، أقنعه بأنني السبب في تناقص شعبيته بدائرة الباجور وأن نصف أصوات قريتي ذهبت لصالح خصمه أستاذ القانون الدكتور محمد كامل مما دفع الوزير للتصريح الدائم بأنني سبب ضياع أصوات ناخبيه ويقول في اللقاءات مع الأهالي: شفيق شاهين خانني علي الرغم من أنني كنت أحضر معه المؤتمرات الانتخابية ، أخطب في الناس وأشيد بانجازات السيد الوزير وكان هذا يحدث كلما مررنا علي القري.ويمضي شاهين قائلا: وعندما جاء وقت الفرز في مجلس مدينة الباجور دخلت اللجنة وألقيت علي السيد الوزير السلام فرد غاضبا: أهلا.. تركته متجها إلي مكان الفرز ففوجئت به يناديني ويقول: إنت رايح فين ما تدخلش القاعة فقلت له: أنا مرشح ومن حقي حضور عملية الفرز وعموما كنت أود الاطمئنان علي موقفك ، بعد ذلك خرجت دون أن أدري ماذا يحدث أو أعرف السبب الذي دفع سيادة الوزير لابعادي عن مكان الفرز وما هو الشيء الذي أراد أن يخفيه عني؟!أصابني بعد خروجي دوار شديد الكلام لشفيق وتصبب جسدي عرقا فاتجهت إلي حجرة السويتش الخاص بمجلس المدينة أقرب مكان أمامي فنهض العامل وساعدني علي الجلوس، بعدها شاهدت الوزير يذهب إلي مكتب رئيس المدينة يرافقه أعوانه ، ثم بعث إلي بأحد العاملين بالمجلس وطلب مني أن أصعد لمقابلة الوزير في المكتب وعندما صعدت بادرني: إيه اللي حصل ده؟!.. محمد كامل يأخذ أصوات أدي في 'بهناي' ؟! فرديت عليه: سيادتك السبب لأنك لم تحضر المؤتمر الذي أقامه لك شباب القرية علي حسابهم، رغم محاولاتي اقناعك بضرورة الحضور وبعثت لك شقيقي الأصغر لكنك رفضت واشترطت لكي تحضر أن أقف في المؤتمر أمام الناس أشتم وأسب وألعن في المرشح المنافس الدكتور محمد كامل وعندما رفضت ذلك وقلت إن الشتيمة هتجيب نتائج عكسية امتنعت عن الحضور مما كان له بالغ الأثر علي الناخبين وعموما أنا وعائلتي عملنا اللي علينا.ويستطرد شفيق: هنا تدخل رئيس المدينة أحمد عز الدين وقال: شفيق شاهين وأعوانه وأخوه جميل طافوا بالناخبين ومعهم مصحف ليقسم عليه الأهالي بألا ينتخبوك يا سيادة الوزير.أنهي رئيس المدينة كلامه لأتأكد أن هذه مسرحية متفق عليها أمام الناس حتي أكون الضحية والشماعة التي يعلق عليها السيد الوزير أخطاءه وفشله أمام الرأي العام بعد حملة الدعاية الساذجة التي قادها رئيس المدينة وركزت علي سب وشتيمة المرشح المنافس وإطلاق الأعيرة النارية عليه في منزله واحتجاز بعض مناصريه أو زوجاتهم قبل الانتخابات بقصد تخويف الناخبين مما أساء للسيد الوزير واستفز مشاعر أهالي قري الدائرة، ولم تفلح محاولاتي ونصائحي حتي من بعثت بهم من كبار العائلات فشلوا في اقناع السيد الوزير الذي كان يردد دائما.. الانتخابات منتهية.. هذا طبعا بالإضافة لتجاوزات أخري عديدة منها علي سبيل المثال إجبار أصحاب المحلات بالدائرة علي تعليق لافتات التأييد، ومن يمتنع 'كان يبقي يومه أسود'.ويقول :من المعروف أن انتخابات القري تحديدا تتسم بالقبلية والتعصب ويدفع فيها المرشحون كل غال وثمين لتحقيق غايتهم البرلمانية، وفيها تراق الدماء وأحيانا تزهق الأرواح.. المهم هو مقعد البرلمان.. وفي الباجور علي وجه الخصوص تعلن الدائرة ثكنة عسكرية منذ بداية الترشيح وحتي إعلان النتيجة المعروفة مسبقا فلا يجرؤ أحد علي منافسة السيد الوزير، لكن هذه المرة بعد أن أدرك الشاذلي أن الخيط قد انفلت من بين يديه بدأت أعصابه تفلت هي الأخري.وفي أحد المؤتمرات يكمل 'شفيق شاهين' سمعت رئيس المدينة أحمد عز الدين يقول للسيد الوزير كمال الشاذلي:شفيق عليه الدور في الكلام واحنا كلنا بنشتم علي محمد كامل وهو لازم يشتم فطلب مني السيد الوزير أن اشتم د. محمد كامل فرديت عليه: أنا أتوسل إليك منذ البداية أن تكف أنت ومعاونوك عن هذا الأسلوب لأن ذلك يثير غضب الناس ويدفعهم للتعاطف مع د. محمد كامل ومعظم كبار العائلات طلبوا مني أن أقول لك ذلك لأنهم لا يقدرون علي مواجهتك ثم تطلب مني ذلك.. فرد السيد الوزير علي كلامي: أنت جبان يا شفيق وعندما غضبت قال: بلاش جبان.. خوٌîاف، وهذا الكلام سمعه كل الحاضرين في المؤتمر فانصرف منهم الكثير.سألت النائب شفيق شاهين: لكنك استقبلت الدكتور محمد كامل في بيتك وهذا طبعا استفز الوزير الشاذلي وأكد شائعات تعاونك مع خصمه، كما تردد أن محمد كامل سدد لك أقساطا متأخرة عليك لبنك التنمية والائتمان الزراعي.أجابني نائب العمال والفلاحين: بعد انتهاء أحد المؤتمرات التي أقامها السيد الوزير كمال الشاذلي بقرية 'ميت عفيفي' توجهت لمنزلي وفي الطريق اعترضت سيارتي سيارة نصف نقل يركب في صندوقها رجلان ملثمان قاما بالقاء الحجارة علي سيارتي وأطلقا أعيرة نارية في الهواء بقصد تخويفي ثم فرا هاربين بعد تهشم زجاج السيارة، وفور وصولي للبيت اتصل بي سيادة الوزير للاطمئنان علي حالتي ثم زارني وأثناء حديثي معه طلب مني أن أتقدم ببلاغ ضد الدكتور محمد كامل مؤكدا لي أنه الفاعل وقال: اللي انت مش عايز تشتمه كان هيقتلك.. ولأن الشك تسرب إلي نفسي رفضت تحرير البلاغ خاصة وأنا أعلم أن أخلاق الدكتور محمد كامل تمنعه من القيام بهذه الأفعال، وهذا ما أثار غضب الوزير.. وعندما عرف الدكتور محمد كامل بما حدث زارني في اليوم التالي برفقة بعض أعوانه ليطمئن علي حالتي وينفي عن نفسه التهمة خاصة أنه علم بالضغط الذي يمارسه الوزير علي لتقديم البلاغ وهو ما كان سيعود علي كامل بالضرر البالغ.

ليست هناك تعليقات: