ذهبنا لمناظرة أسرة أحمد محمد سالم الذي مات تحت قسوة التعذيب المستمر في قسم شرطة كفر صقر، الشرقية
المشهد الأول: كان عند مدخل الحي.. تعرفت علينا إحدى قريبات القتيل ويبدو أنها اشتبهت في أننا مرسلون من قبل المباحث وعلى الفور راحت تهاجمنا صارخة: أنتم مين؟ وأنا أعرف منين؟ وفيما بعد علمنا أن المباحث كانت قد أرسلت لهم أشخاصاً ادعوا أنهم من منظمات حقوق الإنسان.
المشهد الثاني: كان في مدخل الحارة الضيقة.. التف حولنا عدد من النساء والأطفال.. كان جميع الرجال في الحجز.. النساء غاضبات ومتوترات ويتحدثن معاً فى وقت واحد بطريقة أقرب الى الصراخ منها الى الكلام.. أشارت إحداهن فور دخولنا إلى الحارة الضيقة "أهى دى الحته اللى وقع منها جوزى".. نظرنا لأعلى.. كانت تشير إلى سطح منزل مكون من ثلاث أدوار.. وأكملت "وقع على الحته دى هنا"، وأشارت إلى الأرض.
فى داخل أحد المنازل وصفوا لنا كيف أن أحمد محمود سالم الذي يسكن في المنزل المقابل هرب إلى سطح المنزل، وكيف أنهم متأكدون من أنه قد سقط أثناء محاولة القبض عليه لأن أحدهم قد دفع به من فوق السور! والدليل على ذلك أنه بعد أن سقط على الأرض (مكسورا على الأرجح في الحوض لأنهم عجزوا عن إيقافه) قاموا بخلع بنطلونه وراحوا يضربونه بالأسياخ الحديدية وهو عار..
قصت علينا النساء والفتيات الذين أطلق سراحهم، كيف تكرر السيناريو الشهير في جميع المنازل: اقتحام المنازل.. كسر الأبواب (شاهدنا بعضها مكسورا في المنزل الذي كنا نجلس فيه)، ضرب كل من وقع تحت أيديهم من النساء والرجال والأطفال.. سحل على السلم وفى الشارع.. دفع بالقوة إلى داخل البوكس.. كل ذلك مع موسيقى تصويرية من الإهانات اللفظية الجنسية الجارحة الموجهة إلى النساء.. كان عدد من النساء والأطفال شهودا على واقعة سقوط أحمد من فوق السطح.. ثم انتقلت الحملة من منزل أحمد إلى منازل جميع أشقائه، حتى أولئك الذين يسكنون في أحياء مجاورة.. وفى الحجز تطورت الإهانات اللفظية الموجهة إلى النساء إلى تحرشات جنسية فاضحة في مركز أبو كبير.
سقط الرجل من الدور الثالث، فلم يجد رجال الشرطة داع لنقله إلى المستشفى.. وإنما خلعوا عنه البنطلون وضربوه بالأسياخ الحديدية.. وفى قسم الشرطة أيضا لم ير مسئول واحد، ولا حتى مأمور القسم، أي ضرورة لنقله للمستشفى.. بل استمر الضرب والتعليق والصعق الكهربائي والاعتداء الجنسي من قبل الجنود.. وحين تم عرض أحمد على النيابة، وكان غارقا في دمائه وعاجزاً عن الوقوف، لم يجد كذلك وكيل النيابة أي ضرورة لنقله إلى المستشفى بل وبخه وطلب منه التماسك في التحقيق.
لكن حين مات أحمد في اليوم الثالث وجد الجميع فجأة أن هناك ضرورة لنقله إلى المستشفى!! ربما لاستكمال المشهد الأخير: شهادة وفاة مزورة.. الدفن سراً.. وحراسة مشددة على المقبرة.في طريق العودة، وبمجرد خروجنا من الحارة، أشاروا إلى المقابر القريبة جداً والمواجهة لمنزلهم وقالوا: هي دي مقبرة أحمد.. دفنوه هنا أمامنا بدون أي جنازة وفضلوا قاعدين كذا يوم أمام المدافن عشان ما نعملش عزا.. جبنا المحامى وحطينا له كرسي وقعد الناحية الثانية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق