نظم مئات الصحفيين والنشطاء المصريين وقفة احتجاجية بوسط القاهرة تضامنا مع القضاة الإصلاحيين، واحتجاجا على اعتقال عشرات الصحفيين خلال الأيام القليلة الماضية.
وردد المتظاهرون الذين تجمعوا على درج مبنى نقابة الصحفيين، عددا من الشعارات التضامنية مع مطالب الإصلاح التي يتبناها القضاة الإصلاحيين، والمناهضة للممارسات البوليسية القمعية التي تنتهجها السلطات لإجهاض أي محاولة لدفع مصر على طريق الإصلاح السياسي والديمقراطي.
ومن بين تلك الشعارات: قاضي يا قاضي شد حيلك يا قاضي، والله الله شد حيلكم يا قضاة، ويا بسطويسي حكم مبارك حكم بوليسي.. واصرخ اصرخ يا مكي خلي ضمير الشعب يحكي.
كما رفع المتظاهرون أعلاما وقد كتب عليها عبارة: 70 مليون تحية يا نادي القضاة بجوار أسماء القاضيين الإصلاحيين المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي نائبي رئيس محكمة النقض، اللذين يواجهان حاليا محاكمة تأديبية.
نواب ينسحبون من جلسة للبرلمان المصري
من ناحية أخرى انسحب نواب جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد من جلسة لمجلس الشعب المصري احتجاجا على رفض رئيسه أحمد فتحي سرور مناقشة قمع الشرطة المصرية لمظاهرات بوسط القاهرة.
فقد أحال سرور طلبات الإحاطة التي تنتقد وزير الداخلية حبيب العادلي إلى لجنة الدفاع والأمن القومي بعد تصويت نواب الحزب الوطني الحاكم لصالح قراره. وطالب بحضور وزير الداخلية أمام اللجنة للرد على النواب.
وردا على ذلك طاف نواب الإخوان (88 عضوا مستقلا) بالقاعة حاملين صور رجال الأمن وهم يضربون المتظاهرين أثناء جلسة المحاكمة التأديبية لنائبي رئيس محكمة النقض، هشام البسطاويسي ومحمود مكي.
ورأت المعارضة أن ما حدث من الشرطة خلال احتجاج الخميس الماضي كان الأعنف ضد الاحتجاجات السلمية التي أصبحت مشهدا معتادا في الشارع السياسي المصري.
وقال النائب الإخواني حسين إبراهيم بعد انسحابه إن ما حدث للمحتجين قرب دار القضاء العالي يوضح أن الحكومة لا تحترم أدنى حق من حقوق الإنسان. وأضاف حتى قانون الطوارئ لم يخول الشرطة أن تسحل الناس في الشوارع أو أن تضربهم بالأحذية.
واشنطن تنتقد القمع
من جانبه احتجت واشنطن على قمع قوات الشرطة المصرية بعنف مظاهرات سلمية للتضامن مع القضاة، محذرة من أن ذلك قد ينعكس سلبا على حجم المساعدات المالية المقدمة إلى مصر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك إن الولايات المتحدة قلقة من توقيف عشرات المتظاهرين الذين كانوا يعربون عن تضامنهم مع القاضيين محمود مكي وهشام بسطويسي، اللذين يحاكمان أمام مجلس تأديب لإدلائهما بتصريحات طالبا فيها بالتحقيق في تزوير الانتخابات الأخيرة.
ودعا المتحدث السلطات المصرية إلى السماح بتنظيم مظاهرات سلمية تؤيد الإصلاحات والحريات المدنية، مشيرا إلى قلق الولايات المتحدة الكبير إزاء مسيرة الإصلاحات السياسية والديمقراطية في مصر.
ومع تأكيده أن بلاده لا تعتزم مراجعة مساعدتها السنوية لمصر البالغة قرابة ملياري دولار، حذر المتحدث من أن الكونغرس الأميركي الذي وافق على المساعدات الخارجية قد يبدي انزعاجا من طريقة حكم الرئيس مبارك.
اعتداءات واعتقالات
وفي سيناريو مكرر لما حدث خلال جلسة المحاكمة، شنت قوات مكافحة الشغب حملة اعتداءات واعتقالات بحق المتضامنين مع المستشارين مكي والبسطويسي نائبي رئيس محكمة النقض.
وقال شاهد من وكالة رويترز للأنباء: إن رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية سحبوا 15 متظاهرا من بين المؤيدة للقاضيين وضربوهم ضربا مبرحا.
وأشار الشاهد إلى أن ناشطا واحدا على الأقل شوهد والدم يسيل من وجهه بعد دفعه إلى جدار وضربه بشدة.
وشاهد مراسل آخر من رويترز رجال أمن يرتدون زيا عسكريا وآخرين يرتدون زيا مدنيا يلكمون ويضربون عشرات الناشطين من جماعة الإخوان المسلمين بالعصي في مكان آخر قرب دار القضاء العالي بوسط العاصمة المصرية. وكان نحو 25 من أعضاء الهيئة البرلمانية للجماعة قد احتشدوا أمام دار القضاء للتضامن مع القاضيين.
وطاردت قوات الأمن أيضا عددا من النشطاء مما أسفر عن سقوط رجل تحت الأقدام المتدافعة، كما قالت مراسلة وكالة أنباء أجنبية إنها سقطت تحت أقدام رجال الأمن. وقد تفرق متظاهرون آخرون حين بدأت قوات الأمن حملتها.
مظاهرات مناصرة للقضاة
من ناحية أخرى عبرت المظاهرات المتضامنة مع القضاة الإصلاحيين الحدود المصرية في الأيام القليلة الماضية لتنتقل إلى عواصم عربية وأجنبية أخرى، لمساندة القضاة والمطالبة بوقف الملاحقات الأمنية لأنصارهم، والإفراج عن المعتقلين الذين اعتقلتهم قوات الأمن خلال تضامنهم مع القضاة الخميس 11-5-2006.
ففي الرباط؛ استقبل العشرات من النشطاء ودعاة حقوق الإنسان زيارة الرئيس المصري حسني مبارك للمغرب نهاية الأسبوع الماضي، والتي تزامنت مع اعتقالات الخميس في القاهرة، بمظاهرة نددوا خلالها بوحشية الأمن المصري في الاعتداء على المتظاهرين المتضامنين مع القضاة.
وخلال المظاهرة وزعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على المتظاهرين بيانا دعت فيه إلى وقفة احتجاجية تضامنية مع قضاة مصر من أجل احترام استقلاليتهم والاستجابة لمطالبهم.
وانتقلت المظاهرات المتضامنة مع قضاة مصر إلى أوربا؛ ففي العاصمة البريطانية لندن أفادت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بأن لجنة مناصرة قضاة مصر نظمت اعتصاما شارك فيه العشرات مساء السبت 13-5-2006 أمام مبنى السفارة المصرية احتجاجا على محاكمة المستشارين مكي والبسطويسي.
وطلب المعتصمون من العاملين بالسفارة تسلم رسالة موجهة إلى السفير كممثل للحكومة المصرية يعربون فيها عما وصفوه بـانزعاجهم وغضبهم الشديد مما يحدث في مصر الآن من مساس بقدسية القضاء والقضاة ومن المحاكمات الجائرة لاثنين من رموز القضاء المصري.
وأعرب المعتصمون عن إدانتهم لما وصفوه بـأشكال القمع والترويع والاعتداء التي مورست وتمارس ضد النشطاء السياسيين والصحفيين ممن يعارضون سياسات الحكومة. غير أن العاملين بالسفارة رفضوا تسلم الرسالة مباشرة أو من خلال قوات الأمن.
يشار إلى أن لجنة مناصرة قضاة مصر ببريطانيا تشكلت مؤخرا لدعم قضاة مصر في مطالبهم باستقلال القضاء المصري.
وقال أحد أعضائها: إنها تضم ممثلين لتيارات سياسية مصرية مختلفة، منهم ديمقراطيون وإسلاميون وليبراليون مستقلون وجبهة إنقاذ مصر التي تأسست في الخارج في إبريل 2005 من مجموعة صغيرة من المصريين الذين يعيشون في لندن.
وتعد مظاهرة المغرب الأولى من نوعها في العالم العربي التي تجري خلال زيارة يقوم بها الرئيس مبارك للبلد نفسه.
جدير بالذكر أن محاكمة القاضيين الإصلاحيين، والتي قد تنتهي بعزلهما من منصبيهما، قد أجلت إلى الخميس 18-5-2006، ووضع القاضيان شروطا لحضور الجلسة القادمة، ومنها توفير ضمانات لمحاكمة عادلة، والإفراج عن كل من قبض عليه بتهمة مساندة القضاة، على حد تعبيرهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق